تختلف القوانين الدولية حول فرض عقوبات على المتحرشين الكترونيا ولكنها تتفق على تصنيف هذا الفعل كجريمة الكترونية القائم بها يستحق العقاب حين بان الضرر وبانت اركان الجريمة. وقد اتفقت اغلب الدول المتقدمة تقنيا والكترونيا على اعتبار هذا النمط من الجريمة بالسلوك المنحرف و اتخذت قوانين وإجراءات تجرم المتحرشين من الذين اتخذوا من الانترنت وسيلة لمعاكسة الاخرين، بينما لاتزال الصورة مشوشة في عالمنا العربي عموما وفي الجزائر خصوصا تنظيما وثقافة.
ان التحرش الالكتروني ظهرت مع تطور وسائل الاتصال الالكترونية و زادت نسبتها مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي و تعرف هذه الظاهرة على انها استخدام الوسائل الالكترونية والانترنت في ازعاج الاخرين بصفة فردية او جماعية في شكل متعمد وتتمثل في عدة اشكال كملاحقة الاخرين أو التشهير بهم او ارسال مواد تزعج المتلقي سوآءا كانت تلميحا الى الرغبة بالتعرف على المتلقي لأهداف جنسية او كانت تحتوى على عبارات غير لائقة أو شتائم أو نشر صور الشخص دون علمه و موافقته أو التهديد و الابتزاز أو الملاحقة و التجسس أو التتبع بالتعليقات المسيئة أو التشهير بالضحية عبر وسائل الكترونية مختلفة او انتحال شخصيته او انتحال الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.
حسب احصائيات موقع IT news Africa فإن الجزائر تحتل المرتبة الخامسة في افريقيا من خلال استعمال الفايسبوك بحيث ان 68 بالمئة من المستخدمين هم ذكور بين 18 و 24 سنة ، مقابل 32 بالمئة اناث.
وبقدر ما تفاعل المواطن الجزائري مع استخدام الشبكة العنكبوتية بقدر ما تحول الى عنصر فعال من أعضائها حيث أضحت الجزائر من بين الاهتمامات في قوائم وتقارير المنظمات والهيئات الدولية حول الجرائم الالكترونية بحيث كشفت بعض التقارير بأن الجزائر تحتل المراتب الأول عربيا وافريقيا بنسبة 85 بالمئة في مجال القرصنة الالكترونية.
هذا و اكد عدد من رجال القانون الجزائريين بأن المشرع الجزائري يحمي الحريات الفردية عبر عدة مواد قانونية من قانون العقوبات، كما وضح الأستاذ بن عطاف بشير أن الجرائم الالكترونية هي اليوم اكثر تطورا من التشريع في حد ذاته و ان التطورات التكنولوجية تفرض علينا سن قوانين جديدة تواكب هذه التطورات لحماية خصوصية الافراد و يضيف المحامي بأن نشر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل حياتهم الشخصية من تحديد تواريخ واماكن تواجدهم عن حسن نية تسهل للصوص الافتراضيين أو على ارض الواقع للقيام بجرائمهم بيسر كبير.
ومن جهتها تقول المحامية فاطمة الزهراء بن براهم بأن الجزائر لازالت متأخرة من حيث القوانين والبرامج لمكافحة ظاهرة التحرش الالكتروني، وهذا لأننا لا زلنا لم نصل الى هذا القدر من التطور التكنولوجي الذي يمكننا من حصر الجريمة وقياسها.
وتضيف المحامية بان المحاكم الجزائرية في كثير من الاحيان لا تأخذ بعين الاعتبار كل قضية لها علاقة بالتكنولوجيا لغياب إثباتات رسمية ضد الجناة. خاصة عندما يكون الامر مجرد أحاديث إذ يتم تصنيفه في قائمة النية عند القانونيين وليس بالفعل الحقيقي وبالتالي ليس بالحجة الملموسة وهذا بالرغم من تسجيل عدة حالات من التحرش الالكتروني من قبل المواطنين عند مصالح الأمن.
وتقول المحامية أنه تم تلقي عدة شكاوى تتعلق بالشتم السب التهديد لكنها في كثير من الاحيان لا تؤخذ بعين الاعتبار في المحاكم لأنه ليس لدينا قانون يسمح لنا بالرجوع الى الهاتف للتأكد من المعلومة. لان المكالمة ليست دليلا بحد ذاته بل هي وسيلة ولتحويلها الى دليل يجب معرفة ما دار من حوار بين المرسل والمستقبل وفي الجزائر هذه التقنيات ما زالت لحد الان مقتصرة على أجهزة الدفاع الوطني فقط ولا يمكننا كمحامين الحصول عليها.
كما ان الجزائر لازالت ضعيفة ومتأخرة الكترونيا، فالغرب صار لا يستعمل الورق وصاروا يكتفون بالملفات الالكترونية فقط اما في الجزائر فالملفات الالكترونية لا تأخذ بعين الاعتبار اصلا والى حد اليوم عندما تطلب منك احضار وثيقة من البلدية يجب ان يكون بها طابع بالحبر الأحمر وهذا الامر صار سخيفا جدا فكيف من الممكن أن حدا للجريمة الالكترونية في هذه الوضعية الحالية. فالقضية تقنية بالدرجة الأولى وتحتاج الى جهود مكثفة ومشتركة من قبل الفاعلين ومختلف الأجهزة الوطنية. فعلينا ان نشبع بالثقافة الالكترونية أولا فالجريمة الالكترونية هي قضية الجميع وليست فقط قضية قضاة ومحامين.
ريم حياة شايف، صحفية ومدونة جزائرية
No comments:
Post a Comment